ما هو “الخندق الاقتصادي” وكيف يتم بناؤه

ستواجه منافسة كبيرة في السوق من أجل الحفاظ على حصتك وعملائك وأرباحك مهما كانت المنتجات أو الخدمات التي تتخصص فيها.

إذاً، كيف يمكنك حماية منتجاتك وخدماتك من المنافسة عندما تدير شركة في الإمارات العربية المتحدة وتوفر منتجاً أو خدمة مميزة في سوق تنافسي بشكل كبير؟

يمكن الإجابة على هذا السؤال من خلال فكرة مستوحاة من العصور الوسطى وهي: بناء خندق. يمكن أن يساعد الخندق الاقتصادي في مواجهة منافسيك والحفاظ على أعمالك بأمان بعيداً عن الخسائر المالية أي أن الخندق الاقتصادي يشبه الخندق الذي يحمي منطقة محددة.

وسنتناول في هذا المقال كل ما تحتاج إلى معرفته عن الخنادق الاقتصادية وبنائها.

ما هو الخندق الاقتصادي؟

الخندق الاقتصادي هو مصطلح يُستخدم لوصف قدرة الشركة على حماية ميزاتها التنافسية وحصتها في السوق من المنافسين.

الخندق الاقتصادي هو شيء لا يمكن للمنافسين تقليده أو مجاراته. ولذلك، يسهم الخندق الاقتصادي في الحفاظ على استدامة الأعمال وحماية الأرباح وجذب المستثمرين على المدى الطويل.

كما يمنح الخندق الاقتصادي للشركة التي توفر منتجاً أو خدمة تشبه المنتجات والخدمات التي يوفرها منافسوها، ميزة تمكنها من التفوق على الشركات المنافسة.

ووضع المستثمر الكبير وارن بافيت مصطلح “الخندق الاقتصادي“، وهو مستوحى من النظام الدفاعي للقلاع في العصور الوسطى – وهو خندق عميق يتم ملؤه بالمياه مما يجعل الهجوم على القلعة أمراً بالغ الصعوبة.

لماذا يتم بناء الخندق الاقتصادي؟

يوفر الخندق الاقتصادي لشركتك ميزة تنافسية تضمن استدامة الأعمال والأرباح على المدى الطويل وتحمي حصتك السوقية من المنافسين. ما أهميته؟ يؤكد أحد المبادئ الاقتصادية أنه مهما كانت الخدمات التي توفرها مميزة، سيحقق المنافسون مكاسب بمرور الوقت من خلال اتباع نفس الخطط التي تتبعها للاستفادة من المزايا التي تملكها.

ومن الأمثلة على ذلك إعلان شركة “نتفليكس“، أكبر شركة للبث على المستوى العالمي، في الربع الأول من عام 2022 عن تراجع عدد مشتركيها بـ 200.000 مشترك وخسارة حوالي 40% من قيمتها السوقية.

وعلى مدار الأعوام الماضية، وصل سوق البث المباشر إلى أعلى مستوياته في المناطق الرئيسية مثل الولايات المتحدة وكندا. وتواجه “نتفليكس” مواجهة متزايدة من الشركات المنافسة مثل “ديزني+” والتي تعتمد النموذج القائم على الاشتراك وإنتاج المحتوى الأصلي وتمتلك قائمة خاصة بها من امتيازات وسائل الإعلام والعلامات التجارية الكبيرة.

ويمكن القول بأن “نتفليكس” أضاعت فرصة الوصول إلى خندق اقتصادي من خلال النموذج الذي اعتمدته. وعلى الرغم من أنها شركة مبتكرة ورائدة في السوق، ولكنها لم تبني خندقاً اقتصادياً كبيراً للحفاظ على مكانتها في المستقبل نظراً إلى أنه من الصعب تحديد الخندق الاقتصادي اللازم والمزايا التي يجب التركيز عليها.

فوائد الخندق الاقتصادي:

الخندق الاقتصادي هو ميزة تنافسية مرغوبة تسمح للشركة بالنجاح على المدى الطويل.

• من المرجح أن تدوم الشركات ذات الخندق الاقتصادي أكثر في منافستها وتحافظ على هيمنتها على السوق سعياً للازدهار.
• تساعد الخنادق الاقتصادية الشركة في الحفاظ على الربحية المرغوبة حتى في أوقات الركود. ونتيجة لذلك، في حالة حدوث كساد أي عندما تضطر العديد من الشركات إلى إغلاق أبوابها؛ من المرجح أن تبقى الشركات ذات الخندق الاقتصادي قادرة على العطاء.
• نظرًا لأن سلع وخدمات الشركة لها قيمة متزايدة بين المنافسين، فإنهم يحافظون على حصة السوق ويجعلون العملاء يختارون منتجاتهم.
• كوسيلة “لحبس” العملاء، تخلق الشركات تكاليف تبديل عالية. هذا يعني أنه من الصعب على العملاء التحول إلى منافس، مما يمكّن الشركة من زيادة الأسعار عامًا بعد عام لتحقيق أرباح ضخمة.
• يمكن استخدام الخندق الاقتصادي لفرض أسعار متميزة على السلع والخدمات التنافسية.
• غالبًا ما تُعزى الميزة التنافسية إلى فعالية التكلفة، أي انخفاض أسعار السلع والخدمات مقارنة بالمنافسين. وبهذه الطريقة، فإنه يساعد في النهاية على تقليل التكاليف المختلفة غير الضرورية والتي يمكن تجنبها.

الخنادق العريضة مقابل الخنادق الضيقة

يوفر الخندق الاقتصادي العريض حاجزاً كبيراً يمنع دخول المنافسين لأنه لا يمكنهم بناء خندق مثله. ولذلك، يمكن للشركة التي تمتلك خندقاً عريضاً أن تستحوذ على حصة كبيرة في السوق من خلال منتج يتمتع ببراءة اختراع والذي يعتبر من المقومات الأساسية للحفاظ على مكانتها. وتعتبر وصفة “كوكا كولا” الفريدة أو النظام التجاري السري الذي تعتمده “جوجل” لترتيب المواقع الإلكترونية والبحث فيها من أهم الأمثلة على الخنادق العريضة.

أما الخندق الاقتصادي الضيق، فيمنح الشركة ميزة ثانوية. ونلاحظ ذلك في القطاعات التي تشهد منافسة كبيرة دون وجود الكثير من الحواجز التي تمنع من دخول السوق والحماية المحدودة للملكية الفكرية. ويوفر الخندق الضيق للشركة ميزة تنافسية لفترة محدودة من الوقت نظراً إلى دخول المزيد من المنافسين بانتظام دون وجود نظام لحماية حقوق الملكية الفكرية.

طرق بناء الخندق الاقتصادي

هناك العديد من الأشكال والأحجام للخنادق الاقتصادية كما هو الحال في الخنادق الحربية في العصور الوسطى. وعلى الرغم من أن الخندق الاقتصادي قد يؤدي إلى بعض الآثار السلبية على الشركة، ولكن الأنواع المعروفة من الخنادق تهدف إلى حماية حصة الشركة في السوق والتغلب على المنافسين.

التكاليف

تُعتبر خنادق التكلفة من الأساليب الدفاعية القوية ضد المنافسين.

ويمكن لتجار التجزئة – على سبيل المثال – الاعتماد على وفورات الحجم لتوفير سلعهم بأسعار أقل من منافسيهم. وإذا تمكنوا من الحد من تكاليف سلسلة التوريد وتنمية أعمالهم، ستتوفر لهم ميزة تنافسية أكبر.

وتعتبر التكاليف الثابتة إحدى طرق بناء الخندق الاقتصادي لمنتجاتك وخدماتك. فإذا كان العميل قد اتفق معك على تنفيذ استثمارات كبيرة، فلن يبحث عن شريك آخر (لكي لا يدفع المزيد من التكاليف.(

وعلى مدار الأعوام الماضية، وفر نموذج الاشتراك هذا النوع من “التكاليف الثابتة” مع الآثار السلبية المحتملة، إذ أن توفير المنتج أو الخدمة على أساس الاشتراك يتيح للمشترك حرية الاختيار أي أنه يمكن للعميل التخلي عن اشتراكه في أي وقت.

وعندما تكون الرسوم الشهرية رمزية – مثل خطط iCloud التي اعتمدتها شركة “آبل” – فمن غير المرجح أن يفكر العملاء في إلغاء اشتراكهم، حيث قد يؤدي إلغاء الاشتراك إلى العديد من الإزعاجات لأن العميل سيضطر إلى نقل الملفات إلى منصة تخزين سحابي مختلفة.

ويمكن أن تؤدي هذه الإزعاجات والتكاليف الإضافية إلى اعتماد العديد من الأشخاص نفس المنتج أو الخدمة عندما يفكرون في تغيير اشتراكهم. ومن خلال تعزيز ثقة العملاء بها، يمكن لبعض الشركات بناء خندق اقتصادي من خلال منع المستهلكين من الانتقال إلى شركة أخرى – على الرغم من أن خدماتها أكبر تكلفة.

الموارد

عندما تمتلك شركتك موارد فريدة من نوعها، يمكن أن تعتمد على هذه الميزة لبناء الخندق الاقتصادي الخاص بك:

• توفر الخنادق التنظيمية علاقات تنظيمية لا يمكن للمنافسين تجاوزها.
• يمكن أن تسهم الملكية الفكرية التي لا يمكن للمنافسين امتلاك مثيل لها في تعزيز أرباح الشركات. وينتشر هذا النوع من الخنادق في قطاع الرعاية الصحية، حيث تحصل شركات الأدوية على براءة اختراع لدواء محدد.
• ويمكن بناء الخندق الاقتصادي من خلال المعرفة على الرغم من صعوبة الحفاظ عليها على المدى الطويل. ويتم الاعتماد على هذا النوع من الخنادق في الشركات التقنية التي تمتلك معرفة مميزة بخدمة محددة أو منتج ما.

الثقافة

يمكن للعلامات التجارية الفاخرة بيع منتجاتها أو خدماتها بأسعار مميزة من خلال تطوير ثقافة مميزة وابتكار قيمة فريدة – والتي قد تكون غير ملموسة في بعض الأحيان – مما يحوّل العلامة إلى رمز يجذب العملاء. ومن أهم الأمثلة على ذلك هو أسعار الهواتف الذكية لشركتي “آبل” و“سامسونج” والتي تعكس رؤية الأشخاص للعلامات التجارية واستعدادهم لدفع المزيد.

ويمكن للمنتجات التي ترتبط بثقافة مهمة في المجتمع تطوير خندق اقتصادي آمن. وتعتبر علامة “دايسون” من الأمثلة على ذلك فهي العلامة التجارية الأكثر شعبية للمكانس الكهربائية في المملكة المتحدة وباعت منتجاتها لـ12 مليون مستخدم في عام 2020، ولكن ما زالت كلمة “هوفر” تستخدم لوصف عملية التنظيف بالمكنسة الكهربائية. وعلى الرغم من أن شركة “هوفر” تراجعت إلى أسفل الترتيب في سوق المملكة المتحدة، ولكنها ما زالت تتمتع بحضور مهم على الرغم من تجاوز شركة “دايسون” للخندق الاقتصادي الخاص بها. ويتم تعزيز الخندق الاقتصادي للشركة التي تتغلب على منافستها من خلال تطوير التقنيات وحمايتها ببراءات الاختراع.

الشبكات

يمكن تعزيز الخندق الاقتصادي عندما يكون لخدمة أو منتج ما أثر كبير لأن قيمة الخندق تتزايد بزيادة عدد المستخدمين. وتعتبر وسائل التواصل الاجتماعي من أهم الأمثلة على خنادق الشبكة. وتوفر التقنيات الحديثة ثلاث فرص رئيسية لبناء خنادق الشبكة وتشمل: البيانات والمنصات والأسواق.

البيانات هي العملة الجديدة. ولذلك، يمكن للشركات تحقيق ميزة تنافسية كبيرة بالاعتماد على البيانات. ويضمن خندق البيانات لشركة “جوجل” الحفاظ على 86% من سوق محركات البحث – وهي حصة أكبر بـ12 مرة من أقرب منافسيها.

وتبني المنصات مثل “فيسبوك” الخنادق الخاصة بها من خلال الحفاظ على تفاعل المستخدمين مع الوظائف والإصدارات الجديدة وتحقيق قيمة إضافية لخدماتها الحالية، مما يجعل من الصعب على مستخدميها الانتقال إلى نظام إيكولوجي مختلف.

كما تبني الأسواق عبر الإنترنت – والتي تجمع بين الموردين والعملاء – خندقاً اقتصادياً من خلال إضافة المزيد من الموردين إلى نظامها الإيكولوجي، مما يؤدي إلى تعزيز المنافسة العادلة ويوفر في النهاية قيمة أكبر للمستهلكين. أما الأسعار المنخفضة فتجذب المزيد من العملاء وبالتالي تسهم في تعزيز النمو.

الخندق الملائم لشركتك

هناك بعض الخنادق الاقتصادية التي لا يمكن الاعتماد عليها إلا في الشركات الكبرى التي يمكنها الاستفادة من وفورات الحجم، فيما يعتمد البعض الآخر على قوانين الملكية الفكرية لمنع المنافسين من اللحاق بهم. أما بالنسبة لبعض الشركات، فلا يتم التركيز على الخندق الاقتصادي إلى بعد مرور فترة من الزمن على تواجدها في السوق.

ومهما كان الخندق الاقتصادي الملائم لشركتك، فإن بناء الخندق الاقتصادي يسهم في حماية شركتك في الوقت الحالي وفي المستقبل.

سؤال/ ماذا نقصد بالخندق الاقتصادي؟

يستخدم أصحاب الأعمال والمدراء مصطلح “الخندق الاقتصادي” للإشارة إلى قدرتهم على الحفاظ على المزايا التنافسية وحصة السوق على منافسيهم لفترة طويلة من الزمن.

سؤال/ ما هي أنواع الخندق الاقتصادي؟

هناك أربعة أنواع رئيسية من الخنادق الاقتصادية:

• المنتج منخفض التكلفة: من المرجح أن تتمتع الشركة القادرة على تقديم منتجها أو خدمتها بتكلفة منخفضة بميزة على منافسيها لأنها يمكن أن تخفض أسعارها نتيجة لوفرة الانتاج.
• تكاليف التبديل المرتفعة: عندما ينتقل العميل من منتج إلى آخر، فإنه يتحمل نفقات تدفع لمرة واحدة. لذلك، لتفكر في التبديل مرة أخرى ستحتاج إلى سبباً وجيهاً حقًا، مثل صفقة شاملة على حسابك والرهن عقاري.
• تأثير الشبكات: يعد تأثير الشبكات من بين أقوى المزايا التنافسية، وهي أيضًا أسهل ما يمكن التعرف عليه. فيعمل زيادة عدد الأشخاص الذين يستخدمون سلعة أو خدمة على زيادة قيمة السلعة أو الخدمة للمستخدمين الجدد والحاليين.
• الأصول غير الملموسة: من الممكن لبعض الشركات الحصول على ميزة على منافسيها لأن لديها أصولًا أصول غير ملموسة. ومن بين الأشياء غير الملموسة: حقوق الملكية الفكرية والموافقات الحكومية والأسماء التجارية وثقافات الشركة الفريدة والمزايا الجغرافية.

سؤال/ لماذا تعتبر الخنادق الاقتصادية مفيدة؟

الخندق الاقتصادي للشركة هو ميزتها التنافسية على منافسيها مستندة على مزايا مثل الملكية الفكرية أو انخفاض تكلفة التأسيس أو تأثير الأقران أو التعرف على العلامة التجارية. بينما يكافح المنافسون لعبور الخندق الاقتصادي المجازي، يعزز هذا المزيج من الأصول الملموسة وغير الملموسة حصة الشركة في السوق لسنوات أو حتى عقود.